القرآن و المجتمع المؤمن

التعصب والعناد

التعصب والعناد

 

لاشكّ أنّ أساس العبودية والطاعة لله تعالى يكمن في عنصر التسليم والتواضع والخضوع مقابل الحقّ، وعلى العكس من ذلك فإنّ كلّ اشكال (التعصب واللجاجة) تورث الإنسان البعد عن الحقّ والحرمان من السعادة.

 

(التعصب) بمعنى الارتباط غير المنطقي بشيء معيّن إلى درجة أنّ الإنسان يضحي بالحقّ من أجل ذلك، أمّا (العناد) فيعني الإصرار على شيء معيّن بحيث يسحق تعليمات العقل والمنطق تحت قدمه من أجل ذلك، والثمرة لهاتين الشجرتين الخبيثتين هو (التقليد الأعمى) الّذي يُعد من أقوى الموانع والسدود أمام تكامل الإنسان وحركته في خطّ المعنويات والإيمان والكمال الأخلاقي.

 

وقد سرد القرآن الكريم في آياته نماذج من من يحملون هذه الصفة، في الآيات التالية(1):

 

التعصب عند قوم نوح (ع) حيث يقول القرآن الكريم:

1-﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُواْ أَصَابِعَهُمْ فِى ءَاذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَارًا﴾(2).

2-﴿وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾(3).

 

ثمّ يورد القرآن الكريم قصة هود (ع) ويقول:

3-﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَاكَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾(4).

 

ثمّ تصل النوبة إلى قصة إبراهيم (ع) حيث يقول القرآن الكريم:

4-﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُواْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا لَهَآ عَابِدِينَ﴾(5).

 

5-﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾(6).

 

ثمّ تصل النوبة إلى قوم موسى وفرعون فيقول :

6-﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾(7).

ثمّ يصل إلى عصر النبي الأكرم (ص) حيث نرى نفس الأعمال والسلوكيات تصدر من أعدائه حيث يقول عنهم القرآن الكريم:

7-﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَآأَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآأَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾(8).

 

8-﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾(9).

 

9-وكذلك يقول: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُواْ بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾(10).

 

وأحياناً يذكر تعصب الأقوام السالفة بعضها ضد البعض الآخر ويقول:

10-﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾(11).

 

وفي مكان آخر يستعرض مسألة التقليد الأعمى والتعصب واللجاجة بعنوانها برنامج عام لجميع الأقوام الذين يتحركون في خط الضلالة والباطل ويقول:

11-﴿وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَة مِّن نَّذِير إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾(12).

 

12-﴿وَيَقُولُونَ أَئنَّا لَتَارِكُواْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِر مَّجْنُون﴾ (13).

 


 

1– مقتبس بتصرف من كتاب الأخلاق في القرآن ، تأليف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي مع مجموعة من الفضلاء ، 1420هـ .ق.

2– سورة نوح، الآية 7.

3– سورة نوح، الآية 23.

4– سورة الأعراف، الآية 70.

5– سورة الأنبياء، الآية 52 و 53.

6– سورة الشعراء، الآية 72 ـ 74.

7– سورة يونس، الآية 78.

8– سورة البقرة، الآية 170.

9– سورة الفتح، الآية 26.

10– سورة الشعراء، الآية 198 و199.

11– سورة البقرة، الآية 113.

12– سورة الزخرف، الآية 23.

13– سورة الصافات، الآية 36

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى