آية وتفسير

“وآت ذا القربى حقه” تفسير هذه الاية

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ﴾(1)

 

ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية المذكورة، نوجزها في ما يلي:

 

الحق مع علي أين ما مال:

 

ورد في الكافي للشيخ الكليني (أعلى الله مقامه الشريف)(2)

عن محمد بن الحسين وغيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع ابن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى، إن الله تعالى له الخيرة، يختار من يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح عليهم السلام فلما أن بعث الله عز وجل المسيح عليه السلام قال المسيح لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليه السلام يجيئ بتصديقي وتصديقكم، وعذري وعذركم وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، وإنما سماهم الله تعالى المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله تعالى. ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾(3) الكتاب الاسم الأكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهم السلام فأخبر الله عز وجل: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾(4) فأين صحف إبراهيم، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلى الله عليه وآله. فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عز وجل وجاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: رب إن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل نبوات الأنبياء عليهم السلام ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال الله جل ذكره: ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾(5) ﴿وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾(6) فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: “يا محمد! -﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾- فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون” ولكنهم يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته، ونعيت إليه نفسه، فقال الله جل ذكره: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾(7) يقول: إذا فرغت فانصب علمك، وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية، فقال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه – ثلاث مرات – ثم قال: لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار يعرض بمن رجع، يجبن أصحابه ويجبنونه، و قال: صلى الله عليه وآله: علي سيد المؤمنين وقال: علي عمود الدين، وقال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي وقال: الحق مع علي أينما مال، وقال: إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله عز وجول أهل بيتي عترتي، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان: كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. فوقعت الحجة بقول النبي صلى الله عليه وآله وبالكتاب الذي يقرأه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم القرآن: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ وقال عز ذكره: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾(8) ثم قال: “﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾(9) فكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، ميراث العلم، وآثار علم النبوة فقال: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ثم قال: ﴿وَإِذَا الْمَوءودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾(10) يقول أسألكم عن الموؤودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم وقال جل ذكره: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ قال: الكتاب (هو) الذكر، وأهله آل محمد عليهم السلام أمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(11) وقال عز وجل: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾(12) وقال عز وجل: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾(13) وقال عز وجل: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُم﴾(14) فرد الامر – أمر الناس – إلى أولي الامر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.

 

وجاء في الأمالي للشيخ الصدوق (قدس الله نفسه): (15)

قال له علي بن الحسين (عليهما السلام): أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ قال: نعم. قال: أما قرأت هذه الآية ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾(16)؟ قال: بلى. قال: فنحن أولئك. ثم قال: أما قرأت ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ (17)؟ قال: بلى. قال: فنحن هم.

فدك من حق ذي القربي

 

ورد في وسائل الشيعة (آل البيت) للحر العاملي (أعلى الله مقامه)(18)

وعن علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا أظنه السياري، عن علي ابن أسباط، عن أبي الحسن موسى عليه السلام – في حديث- قال: إن الله لما فتح على نبيه فدك وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ (19) فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله من هم فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل ربه، فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة – إلى أن قال: – حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل(20)، قيل له: كل هذا؟ قال: نعم إن هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله صلى الله عليه وآله بخيل ولا ركاب، محمد بن الحسن بإسناده عن السياري نحوه إلا أنه ترك ذكر الحدود(21).

 

فأوحى الله لرسوله: أنْ ادفع فدك لفاطمة:

 

ورد في وسائل الشيعة (الإسلامية) للحر العاملي (أعلى الله مقامه) أيضاً:(22)

وعن علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا أظنه السياري، عن علي ابن أسباط، عن أبي الحسن موسى عليه السلام (في حديث) قال: إن الله لما فتح على نبيه فدك وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله من هم فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل ربه، فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة (إلى أن قال:) حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل، قيل له: كل هذا؟ قال: نعم إن هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله صلى الله عليه وآله بخيل ولا ركاب – محمد بن الحسن بإسناده عن السياري نحوه إلا أنه ترك ذكر الحدود.

 

بل الله أعطاها:

 

ورد في مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) لمحمد بن سليمان الكوفي (رحمه الله):(23)

محمد بن سليمان قال: حدثنا عثمان بن محمد الألثغ قال: حدثنا جعفر بن مسلم قال: حدثنا يحي بن الحسن قال: حدثنا أبان بن عثمان عن أبي مريم الأنصاري وأبان بن تغلب: عن جعفر بن محمد قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فأعطاها فدك. قال أبان بن تغلب: قلت لجعفر بن محمد: من رسول الله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها.

 

­هل الأنبياء توَّرث؟ ((وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ)):

 

ورد في شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي(24)

مما رواه محمد بن سلام بن سار الكوفي باسناده، عنها عليها السلام، أنه لما أمر أبو بكر بأخذ فدك(25) من يديها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها إياها لما أنزل الله عز وجل ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ فكانت مما أفاء الله عز وجل عليه. فقال أبو بكر: هي لرسول الله صلى الله عليه وآله. فشهد علي عليه السلام وأم أيمن وهي ممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها ذلك فاطمة (عليها السلام). فرد أبو بكر شهادتها، وقال: علي جار إلى نفسه وشهادة أم أيمن وحدها لا تجوز. فقالت فاطمة عليها السلام: إن لا يكن ذلك، فميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: إن الأنبياء لا يورثون. وهذا خلاف كتاب الله عز وجل لأنه يقول جل من قائل: ﴿­وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾(26)وقال حكاية عن زكريا عليه السلام: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾.(27) وذكر فرض المواريث ذكرا عاما لم يستثن فيها أحدا. خرجت صلوات الله عليها في ذلك إلى مجلس أبي بكر، واحتجت فيه عليه، فلم ينصرف إلى قولها واستنصرت الأمة فلم تجد لها ناصرا، فلذلك ولما هو أعظم وأجل منه في الاستيثار بحق بعلها، وبينها لزمت فراشها أسفا وكمدا(28) حتى لحقت رسول الله صلى الله عليه وآله بعد سبعين يوما من وفاته غما وحزنا عليه، وهي ساخطة على الأمة لما اضطهدته فيها وابتزته من حق بعلها وبنيها.

 

ورد في بحار الأنوار للعلامة المجلسي (أعلى الله مقامه)(29)

كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة(30): محمد بن العباس، عن علي بن العباس المقانعي، عن أبي كرب(31)، عن معاوية بن هشام، عن فضيل(32) بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت فلت ذا القربى حقه (33) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة (عليها السلام) وأعطاها فدكا.

 

ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء عليَّ:

 

ورد في تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي (رحمه الله):(34)

عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما انزل الله ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ﴾ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل قد عرفت المسكين فمن ذوي القربى؟ قال: هم أقاربك، فدعى حسنا وحسينا وفاطمة، فقال: إن ربى أمرني أن أعطيكم مما أفاء عليَّ، قال: أعطيتكم فدك(35).

 

عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كان رسول الله أعطى فاطمة فدكا قال: كان وقفها، فأنزل الله: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ فأعطاها رسول الله حقها، قلت: رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها(36).

 

عن ابن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أكان رسول الله أعطى فاطمة فدكا؟ قال: كان لها من الله(37).

 

يا جبرئيل سل ربك من هم ?ذوي القربى-؟

 

عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك، قال: هاتي اسود أو أحمر يشهد بذلك، قال: فاتت بأم أيمن، فقال لها: بم تشهدين؟ قالت: أشهد إن جبرئيل أتى محمدا فقال: ان الله يقول: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ فلم يدر محمد صلى الله عليه وآله من هم؟ فقال: يا جبرئيل سل ربك من هم؟ فقال: فاطمة ذو القربى فأعطاها فدكا: فزعموا أن عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر(38).

 

عن عطية العوفي قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر، وأفاء الله عليه فدك وانزل عليه ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ قال: يا فاطمة لك فدك(39).

 

عن عبد الرحمن بن صالح كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى العبسي(40) يسئله عن قصة الفدك فكتب إليه عبيد الله بن موسى بهذا الحديث. رواه عن الفضل بن مرزوق عن عطية فرد المأمون فدك على ولد فاطمة صلوات الله عليها(41).

 

عن أبي الطفيل عن علي عليه السلام قال: قال يوم الشورى: أفيكم أحد تم نوره من السماء حين قال ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ﴾؟ قالوا: لا(42).

 

عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ قال: من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، ومن انفق؟؟ الخير فهو مقتصد(43).

 

وورد في تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي (رحمه الله):(44)

وقال علي بن إبراهيم في قوله ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما بويع لأبي بكر واستقام له الامر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلي فدك فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله منها فجاءت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر، فقالت يا أبا بكر منعتني عن ميراثي من رسول الله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله، فقال لها هاتي على ذلك شهودا فجاءت بأم أيمن فقالت لا اشهد حتى احتج يا أبا بكر عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت أنشدك الله، ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن أم أيمن من أهل الجنة؟ قال بلى، قالت فأشهد ان الله أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ﴾ فجعل فدك لفاطمة بأمر الله وجاء علي عليه السلام فشهد بمثل ذلك فكتب لها كتابا بفدك ودفعه إليها فدخل عمر فقال ما هذا الكتاب؟ فقال أبو بكر: إن فاطمة ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلي فكتبت لها بفدك، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه(45) وقال هذا فئ المسلمين وقال أوس ابن الحدثان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة فان عليا زوجها يجر إلى نفسه، وأم أيمن فهي امرأة صالحة لو كان معها غيرها لنظرنا فيه، فخرجت فاطمة عليها السلام من عندهما باكية حزينة فلما كان بعد هذا جاء علي عليه السلام إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار، فقال يا أبا بكر! لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله؟ وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال أبو بكر: هذا فئ المسلمين فان أقامت شهودا ان رسول الله صلى الله عليه وآله جعله لها وإلا فلا حق لها فيه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال لا قال فإن كان في يد المسلمين شئ يملكونه ادعيت أنا فيه من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين، قال فإذا كان في يدي شئ وادعى فيه المسلمون فتسألني البينة على ما في يدي! وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ولم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا علي شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم! فسكت أبو بكر ثم قال عمر يا علي دعنا من كلامك فانا لا نقوى على حججك فان أتيت بشهود عدول وإلا فهو فئ المسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه.

 

ورد في تفسير فرات الكوفي لفرات بن إبراهيم الكوفي:(46)

فرات قال: حدثني جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي معنعنا: عن أبي مريم قال: سمعت جعفر عليه السلام يقول: لما نزلت الآية: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فدك. فقال أبان بن تغلب: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاها؟ قال: فغضب جعفر (عليه السلام) ثم قال: الله أعطاها.

 

فرات قال: حدثنا جعفر معنعنا: عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فأعطاها فدك. ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾.(47)

 

ورد في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي (قدس الله نفسه الزكيَّة):(48)

وفيه اخرج ابن حريز عن علي بن الحسين رضي الله عنه انه قال لرجل من أهل الشام: اقرات القرآن؟ قال: نعم قال: أفما قرأت في بني إسرائيل: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ قال: وانكم للقرابة الذي أمر الله ان يؤتى حقه؟ قال: نعم. أقول ورواه في البرهان عن الصدوق باسناده عنه عليه السلام وعن الثعلبي في تفسيره عن السدى عن ابن الديلمي عنه عليه السلام.

 

وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي (رفع الله شأنه):(49)

 

من هم المقصودون بذي القربى؟

 

أولا: من هم المقصودون بذي القربى؟ كلمة ذي القربى تعني الأرحام والمقربين، وهناك كلام بين المفسرين، حول المقصود بها، إذ هل هو المعنى العام أو الخاص؟ ويمكن أن نلاحظ هنا بعض هذه الآراء:

البعض يعتقد أن المخاطب بالآية جميع المؤمنين والمسلمين، والغرض هو الحث على أداء حقوق الأقرباء.

 

البعض الآخر يرى أن المخاطب في الآية هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والغرض هو إيصال حقوق أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كخمس الغنائم، أو غيرها مما يتعلق بها الخمس. أو بصورة عامة تأدية كل الحقوق التي لهم في بيت المال. لذلك نرى في روايات عديدة عند الشيعة والسنة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث إلى فاطمة (عليها السلام) بعد نزول هذه الآية، ووهبها فدكا(50). ففي مصادر السنة مثلا نقرأ عن أبي سعيد الخدري ا لصحابي المعروف: ” لما نزل قوله تعالى: وآت ذا القربى حقه أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة فدكا “(51). ويستفاد من بعض الروايات، أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) أثناء سيره إلى الشام بعد واقعة كربلاء، استدل بهذه الآية وآت ذا القربى حقه في التعريف بنفسه وأهل بيته وعيال أبيه الحسين (عليه السلام)، بأنهم المعنيين بقوله تعالى، فيما كان أهل الشام يغمطونهم هذا الحق!(52). ولكن – كما أشرنا سابقا – ليس هناك تعارض بين هذين التفسيرين، فالكل مكلفون بإيتاء حقوق ذوي القربى، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي اعتبر قائدا للأمة الإسلامية مكلف أيضا بالعمل بهذه المسؤولية الكبيرة، فأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هم في الواقع من أوضح مصاديق القربى له (صلى الله عليه وآله وسلم). والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في طليعة المخاطبين بالآية الكريمة. لهذا السبب وهب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حقوق ذوي القربى لهم، فأعطى فاطمة فدكا، وأجرى عليهم الأخماس وغير ذلك، حيث كانت الزكاة أموالا عامة محرمة على أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقرباه.

 

وجاء في دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي:(53)

وروينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال: إن فدكا كانت مما أفاء الله على رسوله بغير قتال، فلما أنزل الله: فئات ذا القربى حقه أعطى رسول الله (صلع) فاطمة صلوات الله عليها فدكا.

 

1– الإسراء/26.

2– ج 1 – ص 293 ? 295.

3– كذا في النسخ وفى المصحف ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ الآية في سورة الحديد/25.

4– الأعلى/18-19.

5– النحل/127.

6– الزخرف/89.

7– الشرح/7-8.

8– الأنفال/42.

9– الإسراء/26.

10– كذا.

11– النحل/464.

12– الزخرف/44.

13– النساء/59.

14– النساء/82.

15– ج 9 – ص 525

16– ص 230.

17– الاسراء/26.

18– ج 9 – ص 525

19– الاسراء/26.

20– دومة الجندل: حصن وقرى بين الشام والمدينة (معجم البلدان 2: 487).

21– التهذيب 4: 148 / 414.

22– ج 6 – ص 366.

23– ج 2 – ص 202.

24– ج 3 – ص 32 ? 33.

25– الشورى/23.

26– النمل/16.

27– مريم/5-6.

28– لقد أجمل المؤلف الكلام هنا، وليس ملازمتها الفراش لما ذكره فحسب، بل عوامل أخرى أجاد الشاعر بيانها قائلا:

وللسياط رنة صداها * في مسمع الدهر فما أشجاها

والأثر الباقي كمثل الدملج * في عضد الزهراء أقوى الحجج

ومن سواد متنها اسود الفضا * يا ساعد الله الامام المرتضى

ولست أدري خبر المسمار * سل صدرها خزانة الاسرار

وفي جنين المجد ما يدمي الحشي * وهل لهم إخفاء أمر قد فشى

والباب والجدار والدماء * شهود صدق ما به خفاء

لقد جنى الجاني على جنينها * فاندكت الجبال من حنينها

ورض تلك الأضلع الزكية * رزية ما مثلها رزية

وجاوز الحد بلطم الخد * شلت يد الطغيان والتعدي

فاحمرت العين وعين المعرفة * تذرف بالمدع على تلك الصفة

فإن كسر الظلع ليس ينجبر * إلا بصمصام عزيز مقتدر

أهكذا يصنع بابنة النبي * حرصا على الملك فيا للعجب

29– ج 29 – ص 111.

30– تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، لشرف الدين النجفي 1 / 435 حديث 5.

31– في المصدر: أبي كريب.

32– في المصدر: عن فضل.

33– الروم/38.

34– ج 2 – ص 287 ? 288.

35– البرهان ج 2: 415. الصافي ج 1: 965.

36– البرهان ج 2: 415. البحار ج 8: 93.

37– نفس المصدر.

38– نفس المصدر.

39– نفس المصدر.

40– من علماء الشيعة ومحدثيهم في القرن الثالث من الهجرة النبوية.

41– البرهان ج 2: 416. البحار ج 8: 93.

42– نفس المصدر.

43– البرهان ج 2: 416. البحار ج 15 (ج 4): 200. الصافي ج 1: 966

44– ج 2 – ص 155 ? 156.

45– راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4 / 101 والسيرة الحلبية 3 / 400 وإنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ص 40 وفيه: أخذ عمر الكتاب فشقه، وسنورد عليك بقية المصادر لقضية فدك.

46– ص 239 ? 240.

47– الأسراء/33

48– ج 13 – ص 99.

49– فدك أرض معمورة وخصبة، كانت بالقرب من خبير وعلى بعد (140) كم عن المدينة المنورة، وفدك بعد خبير كانت مركزا لاستقرار يهود الحجاز يراجع كتاب: مراصد الاطلاع. موضوع فدك. وبعد أن استسلم اليهود للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدون حرب، أعطى الرسول هذه الأرض إلى فاطمة الزهراء (عليها السلام) وذلك وفقا للوقائع التأريخية الثابتة لدى الجميع، لكنها صودرت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأسباب سياسية وبقيت في أيدي الخلفاء إلى أن أعادها عمر بن عبد العزيز أيام خلافته إلى العلويين.

50– فدك أرض معمورة وخصبة، كانت بالقرب من خبير وعلى بعد (140) كم عن المدينة المنورة، وفدك بعد خبير كانت مركزا لاستقرار يهود الحجاز يراجع كتاب: مراصد الاطلاع. موضوع فدك. وبعد أن استسلم اليهود للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدون حرب، أعطى الرسول هذه الأرض إلى فاطمة الزهراء (عليها السلام) وذلك وفقا للوقائع التأريخية الثابتة لدى الجميع، لكنها صودرت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأسباب سياسية وبقيت في أيدي الخلفاء إلى أن أعادها عمر بن عبد العزيز أيام خلافته إلى العلويين.

51– نقل هذا الحديث ” البذار ” و ” أبو يعلى ” و ” ابن أبي حاتم ” و ” ابن مردويه ” عن ” أبي سعيد ” لاحظ كتاب ميزان الاعتدال المجلد الثاني صفحة (288) وكنز العمال المجلد الثاني صفحة (158) وقد ورد هذا الحديث أيضا في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي عند حديثه عن هذه الآية، وفي الدر المنثور أيضا وقد أخرجه عن طريق السنة والشيعة معا.

52– ج 8 – ص 463 ? 465.

53– ج 1 – ص 385.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى