آية وتفسير

لماذا السؤال: ﴿مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾؟

 

 

المسألة:

﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾(1) فهل كانوا لا يعلمون أنه يوجد بعث؟ كيف والروايات تُشير إلى أن الإنسان في عالم البرزخ يُحاسبه الملكان، ويكون على بينة وعلم بمآله؟

 

الجواب:

الآية المباركة لا تنافي ما دلّ على أنَّ الإنسان إذا ما وقع عليه الموت تكشَّفت له الحقائق وعلم يقيناً بما سيئول إليه مصيره في الآخرة كما أنها لا تنافي ما دلَّ على وقوع العذاب في القبر لمن هو مستحق له.

 

وأما الاستفهام الذي يجأر به الكافرون حين بعثهم من قبورهم يوم القيامة فهو لا يُعبَّر عن أنَّهم يظلَّون على نكرانهم للبعث إلى حين وقوعه بل لأنّ هول المشهد حينئذٍ يُفقدهم صوابهم فينتابهم الذهول عما كانوا قد عرفوه حين الموت وعمَّا كانوا قد وجدوه من عذاب في القبر، ولذلك قال الله تعالى في موضع آخر من القرآن ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ/ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾(2).

 

فالاستفهام ينشأ عن الذهول ولا ينشأ عن الجهل، وهذا ما يتفق كثيراً للانسان عندما يُفاجئه أمر خطير لم يكن ينتظره فتراه ينساق دون تأنٍ فيسأل عن أمرٍ مشهودٍ وفيٍ غاية الوضوح (ما هذا؟) (وما الذي حدث؟) فهو حين يسأل لا ينتظر الجواب وإذا كان ينتظر الجواب فإنه يكون للتذكير وليس للتعريف بواقعٍ كان يجهله.

 

ولهذا فهم بعد أن يسألوا عمَّن بعثَهم من مرقدهم يجيبون أنفسهم بأنفسهم بعد أن تنجلي عنهم غشاوة الذهول ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

 

1– سورة يس آية رقم 52.

2– سورة الحج آية رقم 1-2.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى